الحياة الأسرية والانفصال
انتشرت حالات الطلاق والفسخ والخلع بسبب وبدون سبب وجيه، مما يستوجب من الجميع محاولة تقصي الأسباب، والبحث عن حلول جذرية للمشاكل منذ بدايتها
للأسف أصبح دور الأهل في الآونة الأخيرة في بعض الأحيان غير مجدٍ، يتصف بالتحيز كل لابنه أو لابنته، من باب الرحمة والتفهم المفرط والحمية، أو فرض السيطرة والانتقام وتجاهل مشاعر الآخرين، فبعض الأبناء ينساقون لمطالب ورأي أبنائهم رغم حالة الضبابية التي يكونون فيها بسبب الغضب الكبير في ذلك الوقت، ويتجاهلون خبرتهم في الحياة الزوجية والحياة عامة ، وكيف تحملوا مصاعب الحياة مع أزواجهم وزوجاتهم لاستمرار واستقرار الزواج ولمصلحة الأبناء، ورغم أن هذه الحمية تعتبر رحمة من وجهة نظرهم إلا أنها أنانية مفرطة وتغليب رأي ومصلحة طرف على الاخر بدون الاهتمام بالمستقبل وبكافة الأطراف.
وكحل من وزارة العدل مشكورة بتوجيه من ولاة الأمر في وطننا الحبيب، صدرت التعاميم والتعديلات الحديثة بإحالة جميع طلبات الانفصال المقدمة لمحكمة الأحوال الشخصية لمنصة تراضي لمحاولة الإصلاح والاتفاق بين الزوجين وسد الصدع بينهما، ثم يتم احالتهما في حالة تعذر الصلح إلى التحكيم لإقرار الصالح لهما وللأبناء، لتوفير العدالة القانونية لكافة أفراد الأسرة.
الكثير من المشاكل الزوجية سيتم حلها بشكل جذري إذا توفر بين الزوجين التفاهم واحترام رأي الطرف الاخر وتقدير وجهة نظره وخلفيته وبيئته، إضافة إلى طموحه ومتطلباته ورؤيته للحياة وفهم واستيعاب طريقة تفكيره .. ان الزواج شراكة إلا أنه يحتاج جهدا كبيرا لفهم الاخر في البداية ومع مرور الزمن والتوفيق من الله تتقارب وجهات النظر ويتوحد الطموح وتندمج المصالح لتكون في مصلحة الأبناء والأسرة ككيان وكتلة واحدة لا تتجزأ ..
أما الأمور المادية فالأفضل توثيقها بشكل تام لإزالة أي التباس أو إشكاليات مستقبلية ولتوطيد الثقة والاستقرار الأسري. ومع جميع ما سبق من حلول إلا أن بعض الحالات المستعصية يكون أفضل للأسرة سواء كان للزوج أو الزوجة أو الأبناء الانفصال، حين يكون الاحترام والرحمة مفقودين بين الطرفين وداخل الأسرة ويكون العنف والأذى الجسدي والمعنوي بسبب القذف والسب والشتم أو الاستغلال المادي لأحد الأطراف هو أسلوب للحياة، حينئذ قد يكون الانفصال مقبولا وفيه مصلحة مرجحة للأسرة وذلك أخف الضرر. الزواج علاقة سامية شرعها الله، والطلاق حل إلهي لإنهاء الحياة الزوجية وفق شرع الله ومنهاجه.. وعلى الأسرة والزوجين خاصة، تحكيم العقل والمنطق وتفضيل المصلحة العامة بالذات في حال تواجد الأبناء.