أزمة كورونا والرجوع إلى الذات
اطلعنا واستمعنا إلى الأخبار عن فيروس كورونا في أول يوم بكل استهتار لمجرد الفضفضة مع الآخرين ونقل الخبر كأي خبر عادي لا يخصنا! ولم نكن نعلم آنذاك بأن مصير العالم مرتبط بهذا الفيروس الخفي بقدرة الله سبحانه وتعالى وأنه سيغير من الخارطة البشرية ويبدل حال العالم !
انتشر الفيروس وتسارعت الخطى لمكافحته والحيلولة دون انتشاره ظنا من الجميع بأنه سيزول بسرعة كما ظهر بسرعة، ولكن هيهات هيهات فأعداد المرضى في ازدياد وشبح الموت يخيم ويهدد الجميع مما اضطرنا لحجز أنفسنا طاعة لأمر الجهات المختصة، وخوفا على أنفسنا وأهالينا من الاصابة بالمرض أو نقله للأحباب ومن يعزون على قلوبنا.
وفي غمرة هذا الهروب والخوف وجدنا القناعة . وتفتحت أذهاننا على النعم التي أنعم الله بها علينا ومن أهمها نعمة الأمن والأمان السياسي والصحي والاجتماعي ونعمة الانتماء إلى دولتنا الحبيبة.
تنبهنا ورتبنا أولوياتنا الأهم ثم المهم وتيقنا من أهمية الأهل والعائلة في حياتنا، وقربهم وتعلق قلوبنا بهم وأن الحياة بجميع ملذاتها لا تساوي فقد حبيب .. تركنا التصنع وحب الرفاهية وصغائر الأمور وتوافه المشاكل، واتحدت قلوبنا لمحاولة النجاة من هذه الجائحة وهذا الفيروس.
لم نعد نفكر الى أية وجهة يجب أن نسافر؟ أو ما هو المطعم أو الكافية الأحدث؟ وأهملنا متابعة أحدث خطوط الموضة! وتركنا كثرة الطلبات والتعجيزات التي كانت السبب في تفريق العوائل، ونشوء المشاكل بين الزوجين ومع الأبناء .. تركنا متابعة السناب شات والانستقرام وأخبار المشاهير وتوافه الأمور التي كانت سبباً لانتشار حالات الطلاق!
اتحد العالم على قلب واحد، يتألم لما يمر به طفل أو فرد أو عائلة في أقصى بقاع العالم! أصبحنا فعلا مهتمين بغيرنا ونبكي على فقيد لا نعلم جنسيته أو حتى لغته وكأنه فرد منا !!وأصبحنا نسعى لحماية مجتمعنا وحماية عوائلنا مع علمنا الأكيد بقيمة كل فرد منا!
ويخطر أمامنا سؤال مهم جدا: هل كنا نحتاج فعلاً إلى فيروس كورونا ليصفعنا وينبهنا إلى جميع النعم التي أغدق الله سبحانه وتعالى بها علينا ؟ وهل سنعود لنفس الأنانية المفرطة وحب الذات والمظاهر والبعد عن الأحباب؟ ام سنتحد ونهتم بالجميع لأننا وحدة صغيرة وما يصيبهم سيصيبنا بالتأكيد ؟ هل سنهتم بتوطيد العلاقات والبعد عن الشكليات والاهتمام بالأهم ثم المهم ونترفع عن توافه الأمور؟ نرجو ذلك.