الأدلة الرقمية والجرائم المعلوماتية
الأدلة الرقمية من أبرز تطورات العصر لملاءمة التطورات العلمية والتقنية ،لتسد الحاجة بالذات في نطاق الجرائم المعلوماتية التي قد يتعذر إثباتها دون دليل رقمي، ويعرف الدليل الرقمي بأنه أي معلومات إلكترونية لها قوة أو قيمة ثبوتية مخزنة أو منقولة أو مستخرجة أو مأخوذة من أجهزة الحاسب أو الشبكات المعلوماتية، وما فى حكمها والتي يمكن تجميعها وتحليلها باستخدام أجهزة أو برامج أو تطبيقات تكنولوجية خاصة.
للأدلة الرقمية نفس قيمة وحجية الأدلة العادية أو الجنائية المادية فى الإثبات متى توافرت الشروط الفنية الصحيحة لقبولها، مما يقيد حرية القاضي في الحكم بالظن أو الشبهة، فلا يصح أن يبني حكمه إلا علي دليل أو قرائن واضحة تساعد القاضي في الوصول لاقتناع اكيد ليحكم بالإدانة أو البراءة ، بالذات في القضايا والأحكام الجنائية التي يجب أن تبني على الجزم واليقين وليست على الظن والاحتمال والتخمين .
صدر قرار الهيئة العامة للمحكمة العليا الصادر برقم 34 وتاريخ 24 /4/ 1439 بخصوص حجية الأدلة الرقمية الذي ينص على: «بأن الدليل الرقمي حجة معتبرة في الإثبات متى سلم من العوارض ويختلف قوة وضعفاً حسب الواقعة وملابساتها وما بها من قرائن». وتعتبر الفيديوهات والصور والتسجيلات الصوتية، أحد أنواع الأدلة الرقمية التي يؤخذ بها كحجة متى سلمت من العوارض الفنية، والسلامة من العوارض تعني أن يكون الدليل موثوقاً وسليماً من التعديل والتغيير.
أصدر وزير العدل رئيس المجلس الأعلى للقضاء، الشيخ الدكتور وليد الصمعاني، تعميمًا قضائيًا لتعزيز مسؤولية أطراف العملية القضائية في الدعوى الجزائية، ويحد من التوسع في الاجتهاد المبني على القرائن الضعيفة التي تظهر في القضية وعدم التقيّد بوسائل إثبات محددة، مع مراعاة الوصف الجرمي للإدانة قبل إصدار الحكم، وألا يتضمن الحكم بالشبهة أو توجّه التهمة، مع الأخذ بوسائل الإثبات كافة بما في ذلك القرائن المعتبرة ، مع مراعاة الأحكام المقررة شرعًا فيما يتصل بأدلة الإثبات الموجبة لإقامة الحد والنظر في استحقاق المتهم للتعزير عند درء الحد أو عدم ثبوت موجبه في القضايا الجزائية ، مع مراعاة ما نصت عليه المادة (158) من نظام الإجراءات الجزائية من عدم تقيّد المحكمة بالوصف الوارد في لائحة الدعوى ، لضمان الموازنة وتحقيق العدالة بين مؤاخذة المدان وإخلاء سبيل البريء.
ويجب التمييز بين الأدلة الرقمية والجرائم المعلوماتية، فالدليل الرقمي هو صورة أو تسجيل أو فيديو أو غيره من الاثباتات التي تعنى بإثبات وقوع مخالفة او جريمة كإثبات وقوع جريمة تحرش أو سرقة عن طريق كاميرات الفيديو الأمنية، أما الجريمة المعلوماتية فهي تعني استخدام الأجهزة الإلكترونية كأداة لارتكاب جريمة يحاسب عليها القانون كما نصت عليه مواد نظام مكافحة الجريمة المعلوماتية ، كأدوات لارتكاب الجريمة، كما نصت عليه المادة السادسة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية: «إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام أو القيم الدينية أو الآداب العامة أو حرمة الحياة الخاصة أو إعداده أو إرساله أو تخزينه عن طريق الشبكة المعلوماتية أو أحد أجهزة الحاسب الآلي».
يجب العلم بأن بعض الجرائم كالابتزاز أو التحرش أو القتل أو التغرير بالأطفال أو ترويج المخدرات أو المساس بالحياة الخاصة، تعتبر الأجهزة الإلكترونية أدلة مهمة في توثيق وقوع الجريمة التقليدية كدليل رقمي ، ووسيلة الانشاء أو الحفظ في الأجهزة أو كوسيلة للنشر من خلال الإنترنت وهنا تدخل حيز نظام الجرائم المعلوماتية.