منع الزيارة وعقوبة العقوق
شاهدنا في الآونة الأخيرة تملص وامتناع بعض الآباء والأمهات من تنفيذ حكم الزيارة، بحجة امتناع الأطفال وعدم رغبتهم رؤية الأب أو الأم ، لتفادي عقوبة عدم تنفيذ حكم الزيارة أو مقاومة التنفيذ او تعطيله المتمثلة في السجن مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر، أو أمر الحبس مدة لا تزيد عن أربع وعشرين ساعة في حال تعدي المنفذ ضده أو تهديده للمزور، تفادياً كذلك للعقوبات المتمثلة في (المنع من السفر – الأمر بالحبس – منع الجهات الحكومية من التعامل معه – منع المنشآت المالية من التعامل معه) وفق المواد (74) و (76) و (92) من نظام التنفيذ ولائحته التنفيذية، والمواد (33) و (39) من نظام المرافعات الشرعية.
تجاهلاً بأهمية التربية والحث على رضا الوالدين في الإسلام حيث قرن الله سبحانه تعالى عبادته وتوحيده بطاعة الوالدين وبرهما، قال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلّا تَعبُدوا إِلّا إِيّاهُ وَبِالوالِدَينِ إِحسانًا) سورة الإسراء، الآية (23) ، كما أكد النّبي صلّى الله عليه وسلّم على أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر عند الله ، ووضح أن مرتبته تلي مرتبة الشرّك بالله عزّ وجل، قال عليه الصلاة والسلام:(ألا أنبّئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثاً، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين)، كما نهى الإسلام عن اهمال الوالدين أو إغضابهما حيث قال تعالى: (إِمّا يَبلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُما أَو كِلاهُما فَلا تَقُل لَهُما أُفٍّ وَلا تَنهَرهُما وَقُل لَهُما قَولًا كَرماً) سورة الإسراء، الآية (23)..لقد أولت حكومتنا الرشيدة وأنظمتنا القانونية أهمية كبيرة لمنع العقوق واعتبرت قضايا عقوق الوالدين من ضمن الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف والمستوجبة للعقوبة التعزيرية التي تصل إلى السجن!
والسؤال الأهم هو: ألا تعتبر تربية الحاضن لمحضونه الصغير غير الراشد على العصيان وحثه على عدم الطاعة من قبيل التربية على العقوق الموجب لنيل العقوبة الصارمة باعتباره تعديا على حقوق الطفل المحضون وحرمانه من حقه الشرعي والنظامي في التربية النفسية والاجتماعية السليمة مثله مثل أي طفل آخر وفق نظام حماية الطفل من الإيذاء، كما أن من حقوقه على الحاضن تربيته تربية دينية سليمة، وعدم تحميله تبعات الانتقام بسبب الطلاق أو الانفصال بين الوالدين، تفادياً لآثاره السلبية المستقبلية على الطفل المحضون. لذلك نرجو من وزارة العدل ردع ومنع تفشي هذه الظاهرة بدراسة جميع الحالات الممتنعة عن أداء الزيارة من قبل الأطفال المحضونين، واعتبارها من ضمن حالات الامتناع المنصوص عليها في نظام التنفيذ، واحالة من تثبت ادانته بالتربية على العقوق إلى النيابة العامة لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقه، حفاظا على مصلحة الطفل والطرف الآخر المستحق للزيارة، كما يمكن اسقاط الحضانة ونقلها لعدم أهلية وأحقية الحاضن.